بقلم : خالد محمود عبداللطيف (مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي) .. المعلم.. هو أداة التفاعل الحي الخلاق بين العقول المتعلمة وقلب التربية الخلقية الخفاق، والعقل المدبر وراء اكتساب المتعلمين طرائق التفكير وأنواع السلوك السوي المرغوب.. وضمير الأمة في تشكيل الشخصية الانسانية وتنميتها متحلية بالأصيل من القيم وبالثابت الصحيح من الدين، وقائد جيل المستقبل نحو الإيمان بالحرية الحقة، والديمقراطية الصحيحة واحترام المساواة الانسانية ونبذ العنف وجميع صور التعصب.
ولذلك نري أنه لا صلاح لحال التعليم بعيداً عن الاهتمام بتطوير أهم عناصر العملية التعليمية من ألفها الي يائها وهو المعلم .
حيث ثبت من خلال الأدب التربوي المعاصر أن نجاح عملية التعليم يرجع 60% منه للمعلم وحده، وذلك لأن دوره لا يقتصر علي توصيل المعلومة للطالب، بل المعلم الناجح هو الذي يستطيع خلق مجال نفسي في حجرة الدراسة يساعد الطلاب علي بذل أقصي ما يمكنهم من مجهود لاستغلال قدراتهم واستعداداتهم. كما يتمكن من مساعدتهم في هذا الجو علي الاحتفاظ بالاتزان العاطفي، وينمي فيهم الاتجاهات الاجتماعية السليمة.
وعلي الرغم من تزايد الاهتمامات بالمعلم ودوره واعداده ونواحي تأثيره في طلابه وفي السلم التعليمي بأكمله إلا أن المشكلات والضغوط النفسية التي يواجهها المعلم لم تحظ بالقدر المناسب من الاهتمام في برامج ومحاور التطوير. علي الرغم من أن معلمي اليوم لديهم معدلات مرتفعة من الضغوط النفسية STRESS أكثر من العاملين بالمهن الأخري وأن مهنة التدريس أصبحت علي الدوام مهنة ضغوط وإجهاد نفسي.
وتختلف ردود أفعال المعلمين تجاه هذه الضغوط. فالبعض يستمر في أداء وظيفته بالرغم من الصعوبات اليومية. وعوامل الضغوط المختلفة التي يتعرضون لها، والبعض الآخر يعجز عن مواجهة تلك الضغوط خاصة في حال تكرارها وبقائها لمدة طويلة، ويصاب بالتعب والإرهاق ويعاني مما يسمي بظاهرة الإنهاك النفسي.
وهذا ما يؤكده شيلد Child والذي يشير الي أن أخطر الأضرار الناجمة عن تطور أو امتداد فترة الضغوط النفسية ظهور ما يسمي بظاهرة الانهاك النفسي تلك الظاهرة التي يصاحبها العديد من الاستجابات السلوكية الخاطئة. كشراهة التدخين - محاولة الهروب من الواقع. إضافة الي الشعور بالاستنزاف وعدم الرضا الوظيفي وفقدان الطموح نحو التقدم في العمل والتغيب المزمن والتفكير في ترك العمل.
ومن المدهش أن الأفراد الذين يعانون من الإنهاك النفسي هم الأفراد الأكثر التزاما وهم الذين ينتمون في أعمالهم بشكل كبير ويكرسون أنفسهم للعمل في سبيل تحقيق أهدافهم.
منقول